لتحول الرقمي (الرقمنة) في قطاع التعليم في العراق تحول استراتيجي يتطلب المراجعة والتطوير والدعم … ابتداءا، ان تعريف “التحول” هو اجراء تغيرات جذرية ليستبدل الحال بحال اخر . وعليه فانه من الممكن تغيير ستراتيجية الأعمال (ستراتيجية التعليم والتعلم مثلا) او تغيير طرق تقديم الخدمات (الخدمات التعليمية مثلا) بالشكل الذي يتماشي مع التغيرات الكبيرة التي حدثت في المجتمع بالاعتماد على التكنولوجيا الرقمية الحديثة، وهذا ما نطلق عليك بالتحول الرقمي (او الرقمنة) Digital Transformation (Digitalization) (DX).ان دوافع التحول الرقمي في التعليم تتمحور بالأساس حول (١) “التكنولوجيا” التي تضيف سمات التفاضلية كتخفيض جهد تقديم المادة العلمية و السرعة في الوصول الى الطلبة بمختلف اماكنهم وباي وقت و الدقة في توفير المادة المركزة والأساسية وغيرها، (٢) “المجمتع” الذي بات يتبنى استخدام التقنيات في مختلف أعماله اليومية بل وان جيل اليوم من طلبة الجامعات هم جيل Z الذي نشأ و ولد مع تطور التكنولوجيا الرقمية ويعيش ضمن نمط حياة رقمي بشكل طبيعي، (٣) “المنافسة” في الاستمرار بتقديم الخدمات من قبل المؤسسات التعليمية في ظل الجائحة الصحية والعزل الوقائي، (٤) “القرار الجريء” من قبل وزير التعليم العالي في تبني التحول الرقمي كخيار أساسي لاستمرار الدراسة في الجامعات العراقية.من الجانب التقني ، فان اهم التقنيات التي تدفع بالتحول الرقمي عالميا هي Big Data و IoT و AI و Cloud Computing و Blockchain و APIs و السوشيال ميديا و الأجهزة الجوالة جميعها تمكن المؤسسات والشركات وحتى الحكومات من التحول الرقمي. وان بعض الشركات توصف بكونها ( Digital Native ) لانها ولدت اصلا بالعصر الرقمي و لا تحتاج الى تحول مثل ادمودوا و الفيسبوك و أوبر و تقدم خدمات مستندة بالأصل على التكنولوجيا الرقمية، حيث ان شركة ادمودوا لا تمتلك معلمين او تؤلف كتب و شركة فيسبوك لا تصنيع محتوى و لا شركة أوبر تمتلك سيارات بل تصنع الخوارزميات و تبرمج الإجراءات بالاستناد الى الامكانيات رقمية.وهنا يجدر الاشارة الى ان التحول الرقمي يختلف عن “التحديث بالتكنولوجيا” ( Digital Modernization) الذي يستهدف تحديث او تطوير منتج او خدمة معينة باستخدام التقنيات الرقمية الحديثة، كاعتماد أنظمة معينة (انتاج أنظمة برمجية لشؤون الطلبة مثلا)، او تحسين الخدمة المقدمة للمجتمع (تحسين ادوات التعليم داخل الصف بوضع سبورات ذكية او رفع المناهج على الموقع الإلكتروني مثلا)، وليس هذا بالضرورة تحول على مستوى الاستراتيجية في العمل. لذا فان تغيير منتج او خدمة بالاعتماد على التكنولوجيا الرقمية تعتبر ‘التحديث بالتكنولوجيا’ ، اما تغيير ستراتيجية انتاج المنتج او طريقة تقديم الخدمة تعتبر ‘التحول الرقمي’.ان ما حدث في العراق من تبني استراتيجية التعليم الإلكتروني في تقديم الخدمة التعليمية (عملية التعليم والتعلم) -ضمن هدف أساسي وهو استمرار الدراسة و ابعاد شبح إيقاف العام الدراسي بالكامل-، و ما رافقه من تحول في طرق تقديم المادة التعليمية و تحول طرق التواصل مع الطلبة و استخدام الحلول الرقمية باعتماد الصفوف الإلكترونية و القاعات الامتحانية الإلكترونية و تبني إجراءات جديدة كليًا وغيرها .. كل ذلك يقع ضمن التحول الرقمي في التعليم رغم كل ما واجهناه من صعوبات ومعوقات تتعلق بضعف البنية التحتية الالكترونية في العراق.ان هذا التحول ، على الرغم من انه لازال يحتاج الى الكثير من المراجعة و التقويم والتطوير ، الا انه تحول ليس استثنائي لمرحلة استثنائية تنتهي بانتهاء الجائحة الصحية بل هو تحول استراتيجي… وهنا ادعوا بشكل واضح و صريح المؤسسات التعليمية و الشركات التكنولوجية و المشاريع التقنية الناشئة على أهمية تطوير السوق البرمجي العراقي لتقدم خدمات و حلول حقيقية ومتقدمة للقطاع التعليمي بما يضمن التحول الرقمي للجامعات و الكليات في العراق.وأكرر ما أقوله دوما بان “التعليم في العراق قد تغير للأبد” …